سؤال 1188 من 4276

من الفقرة (٥) ما معنى (التحضر)؟

١) خلال قرون عديدة اعتاد النَّاس على نقل عاداتهم بحرص، كما أنَّه يوجد عادات موروثة جيدة توارثوها مثل الملابس وبعض أنواع الطعام، وصفات مثل الكرم والصدق والمروءة ونجدة الملهوف، ومن أكبر الركائز الأساسية التي حرص الآباء على نقلها للأبناء هي مكارم الأخلاق، وقد كان الآباء والآجداد يتمسكون بالعادات والتقاليد أشدّ التمسك؛ لكونها المحرّك الأساسي للإنسان.٢) وحينما أَهَلَّ النّفط علينا وتفجّرت ثرواته حمل معه عادات جديدة لم نعرفها سابقًا أثرت على منظومة القيم السلوكية والعادات المتوارثة، فظهر نسق قيمي جديد أدَّى إلى تخلّي النّاس عن عاداتهم القديمة والأخذ بالعادات الجديدة. ومن الجدير بالذكر أنَّ ردود الأفعال التي تقوم بها المجتمعات جرَّاء التغيرات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية المتواصلة تختلف آثارها بحسب قدرة هذه المجتمعات على التعامل مع تلك التغيرات بصورة عملية واستيعابها بشكل حضاري، ومما يُعزِّز قوّة أي مجتمع للتعامل مع هذه التغيرات هو مدى وجود رصيد حضاري وثقافي وعقدي قوي يمتلكه أفراد المجتمع وعمومه؛ ليكون هو المرجعية في التعامل مع هذه التغيرات الجديدة.٣) يمكن القول: إنَّ منطقتنا شهدت تحولات مهمة تزامنت مع اكتشاف النفط ومن ثَمَّ تزايد عائداته، حيث كان هو الشريان المغذي لعمليات التحول في المنطقة بشكل عام، فنتج عن ذلك نهضة اقتصادية وعمرانية وبشرية شاملة، فضلًا عن التزايد في عدد السكان الناجمة عن الزيادة الطبيعية وعن تداخل البدو مع المُدن نتيجة موجات الهجرة من الريف ومن البادية إلى المدينة لاعتبارات عدة أبرزها البحث عن عمل أو التعليم، وكل ذلك نتج عنه دفع عملية التحضر بشكل سريع وعشوائي.٤) أمّا ما يتعلق بالحالة المادية لأفراد المجتمع قديمًا فقد كانت ضعيفة بشكل عام سوى ما وجد من طبقة التجار وكان هناك سياج يحمي المعاملات المادية في القدم بين هؤلاء التجار حتى بدأ تدفق النفط، ومع تداخل العادات الجديدة أصبح هذا السياج ضعيفًا، فابتكروا نُظُمًا جديدة تحفظ للجميع حقوقهم، وأكبر سبب في هذا التحوُّل والتمرّد على العادات والتقاليد القديمة ومواكبة الحداثة هو اندماج العرب مع الغرب وتقليدهم في سلوكياتهم وتصرفاتهم وملبسهم، حتى تغيّر الحال تمامًا فأصبحت مجتمعاتنا تنظر إلى المتمسك بعاداته وتقاليده نظرة معقّدة؛ لأنَّه يرفض الاختلاط أو التغيير من عاداته القديمة.٥) وهذا التسريع في عملية التحضر أفرز تغيرات أخرى مصاحبة في البناء الاجتماعي، بمعنى أنها بدأت تؤثر في طبيعة العلاقات التي تنشأ بين الأفراد في الأسرة الواحدة، وبين الفرد والمجتمع، وبين الجماعات فيما بينها، وبالتالي تزعزع الكثير من القيم، والعادات، والمفاهيم لتلك المجتمعات، ويصاحب ذلك ظهور قيم ومفاهيم جديدة لها تتواكب أحيانًا مع هذه التغيرات وتتصادم معها أحيانًا أخرى.٦) وإنَّه إذا غلبت العادات الجديدة على عادات آبنائنا وأجدادنا فلابُدَّ أن نتصدى لها، والأفضل أن نُوازن بين عادات آبنائنا وأجدادنا والعادات الحديثة المتطورة، ولن يتمَّ هذا التوازن إلا بحول الله. ولو وجدنا أنَّ العادات سوف تلغي القيم الإسلامية فيجب على الفور نبذها والبعد عنها كما يجب الموازنة بينها ونحن سوف نقدر على ذلك بإذن الله.

أسئلة مشابهة في استيعاب المقروء