سؤال 1410 من 4276
قال ديشليم الملك لبيديا الفيلسوف : قد سمعت هذا المثل . فاضرب لي مثل الرجل العجلان في أمره من غير روية ولا نظر العواقب. قال الفيلسوف: إنه من لم يكن في أمره متنبئا لم يزل نادما ويصير أمره إلى ما صار إليه الناس من قتل ابن عرس وقد كان له ودوا. قال الملك: وكيف ذلك؟ قال الفيلسوف: زعموا أن ناسا من النساك بأرض جرجان وكانت له امرأة جميلة، فمكثا زمن لم يرزقا ولدا ثم حملت منه بعد اليأس، فسرت المرأة وسر الناسك بذلك فحمد الله تعالى وسأله أن يكون الحمل ذكرا. وقال لزوجته : أبشري، فإني أرجو أن يكون غلاما لنا فيه منافع، وقرة عين، أختار له أحسن الأسماء وأحضر له سائر المؤدبين . فقالت المرأة : ما يحملك أيها الرجل على أن تتكلم بما لا تدري أيكون أم لا؟ ومن فعل ذلك أصابه ما أصاب الناسك الذي أراق على رأسه السمن والعسل. قال لها: وكيف ذلك؟ قالت: زعموا أن ناسكا كان يجري عليه من بيت رجل تاجر في كل يوم رزق من السمن والعسل، وكان يأكل من قوته وحاجته ويرفع الباقي ويجعله في جرة، فيعلقها في وتد في ناحية البيت حتى امتلأت فبينما الناسك ذات يوم متسلق على ظهره والعكاز في يده والجرة معلقة على رأسه، تفكر في غلاء السمن والعسل، فقال : سأبيع ما في هذه الجرة بدينار وأشتري به عشرة أعنز، فيحبلن ويلدن في كل خمسة أشهر بطنا، ولا تلبث قليلا حتى تصير غنما كثيرة إذا ولدت أولادها، ثم حرر على هذا النحو بسنين فوجد ذلك أكثر من أربعمئة عنز، فقال : أنا أشتري بها منة من البقر، وأشتري أرضا وبذرا، وأستأجر أكرة، وأزرع على الثيران، وأنتفع بألبان الإناث ونتائجها فلا يأتي على خمس سنين إلا وقد أصبت من الزرع مالا كثيرا، فأبني بيتا فاخرا، وأشتري إماء وعبيدا، وأتزوج امرأة صالحة جميلة، فتحمل ثم تأتي بغلام سري نجيب، فأختار له أحسن الأسماء، فإذا ترعرع أدبته وأحسنت تأديبه وأشدد عليه في ذلك، فإن يقبل مني وإلا ضربته بهذه العكازة. وأشار إلى الجرة فكسرها، فسال ما كان فيها على وجهه . وإنما ضربت لك هذا المثل لكي لا تعجل بذكر مالا ينبغي ذكره، وما لا تدري أيصح أم لا يصح. فاتعظ الناسك بما حكت زوجته. ثم إن المرأة ولدت غلاما جميلا ففرح به أبوه، وبعد أيام حان لها أن تتطهر، فقالت المرأة للناسك: اقعد عند ابنك حتى أذهب إلى الحمام فأغتسل وأعود. ثم إنها انطلقت إلى الحمام، وخلفت زوجها والغلام، فلم يلبث أن جاءه رسول الملك يستدعيه ولم يجد من يخلفه عند ابنه غير ابن عرس داجن عنده كان قد رباه صغيرا فهو عنده عديل ولده . فتركه الناسك عند الصبي وأغلق عليهما البيت وذهب مع الرسول .فخرج من بعض أحجار البيت حية سوداء فانت من الغلام فضربها ابن عرس ثم وثب عليها فقتلها ثم قطعها وامتلأ فمه من دمها. ثم جاء الناسك وفتح الباب فالتقاه أبن عرس کالمبشر له بما صنع من قتل الحية، فلما رآه ملوثا بالدم وهو مذعور طار عقله وظن أنه قد خلق ولده ولم يتثبت في أمره ولم يترؤ فيه حتى يعلم حقيقة الحال ويعمل بغير ما ظن من ذلك، ولكن عجل ابن عرس وضربه بعكازة كانت في يده على أم رأسه فمات. ودخل الناسك فرأى الغلام سليما حيا وعنده أسود مقطع. فلما عرف القصة وتبين له سوء فعله في العجلة لطم على رأسه. وقال : ليتني لم أرزق هذا الولد ولم أغدر هذا الغدر. ودخلت امرأته فوجدته على تلك الحال، فقالت له: ما شأنك؟ فأخبرها بالخبر من حسن فعل أبن عرس وسوء مكافأته له، فقالت: هذه ثمرة العجلة فهذا من لا يتثبت في أمره، بل يفعل أغراضه بالسرعة
المزيدأسئلة مشابهة في استيعاب المقروء
تابعنا على تيليقرام واستعد لاختبارك مع أهم التدريبات والنصائح!