سؤال 1372 من 4276

حادثة إرجاع الصياد للحذاء على أنه :

كان في بغداد رجل أسمه أبو القاسم الطنبوري وكان له مداس صار له وهو يلبسه سبع سنين. و كان كلما تقطع منه موضع جعل مكانه رقعه إلى أن صار في غاية الثقل وصار الناس يضربون به المثل، فأنفق أنه دخل يوما سوق الزجاج ، فقال له سمسار : يا أبا القاسم قد قدم إلينا اليوم تاجر من حلب ومعه حمل زجاج مذهب قد كسد فاشتره منه ، وأنا أبيعه لك بعد هذه المدة فتكسب به المثل مثلين ، فمضى و اشتراه بستين دينارا ، ثم إنه دخل على سوق العطارين فصادفه سمسار آخر وقال له : يا أبا القاسم قد قدم إلينا اليوم من نصيبين ومعه ماء ورد في غاية الطيبة و مراده أن يسافر . و لعجلة سفره يمكن أن تشتريه منه رخيصا و أنا أبيعه لك فيما بعد بأقرب مدة فتكسب به المثل مثلين ، فمضى أبو القاسم و اشتراه أيضا بستين دينارا أخرى وملأه في الزجاج المذهب وحمله و جاء به فوضعه على رف من رفوف بيته في الصدر ثم إن أبا القاسم دخل الحمام يفتسل ، فقال له صديقه يا أبا القاسم أشتهي أن تغير مداسك فإنه في غاية الشناعة و أنت ذو مال من حمد الله ، فقال له أبو القاسم : الحق معك فالسمع والطاعة ، ثم أنه خرج من الحمام و لبس ثيابه فرأى بجانب مداسه مداسا جديدا فظن أن الرجل من كرمه اشتراه له فلبسه و مضى إلى بيته ، و كان ذلك المداس الجديد مداس القاضي جاء في ذلك اليوم إلى الحمام و ضع مداسه هناك ودخل يستحم ، فلما خرج فتش على مداسه فلم يجده فقال : أمن لبس حذائي لم يترك عوضا عنه شيء ، ففتشوا فلم يجدوا سوى مداس أبا القاسم فعرفوه لأنه كان يضرب به المثل فأرسل القاضي خدمه فكبسوا بيته فوجوا مداس القاضي عنده ، فاحضره القاضي و أخذ منه المداس وضربه تأديبا و حبسه مدة و غرمه بعض المال و أطلقه ، فخرج أبو القاسم من الحبس وأخذ مداسه وهو غضبان عليه و مضى إلى دجلة فألقاه فيها ففاض في الماء ، فأتى بعد ذلك صياد و رمی شبكته فطلع فيها ، فلما رآه الصياد عرفه و ظن أنه وقع منه في دجاة, فحمله وأتى به بيت أبي القاسم فلم يجده ، فنظر فرأى نافذة إلى صدر البيت فرماه منها إلى البيت فسقط على الرف الذي فيه الزجاج ، فوقع و تكسر الزجاج و تندد ماء الورد ، فجاء أبو القاسم ونظر ذلك فعرف الأمر فلطم على وجهه و صاح يبكي و قال : وافقراه أفقرني هذا المداس الملعون ، ثم إنه قام ليحفر له في الليل حفرة و يدفنه فيها و يرتاح منه ، فسمع الجيران الحفر فظنوا أن أحدا ينقب عليهم فرفعوا الامر إلى الحاكم فأرسل إليه و احضره و اعتقله و قال له : كيف تستحل أن تنقب على جيرانك حائطهم و حبسه و لم يطلقه حتى غرم بعض المال ، ثم خرج من السجن و مضى و هو حردان من المداس وحمله إلى كنيف الخان و رماه فيه فسد قصبة الكنيف فقاض وضجر الناس من الرائحة الكريهة ففتشوا على السبب فوجوا مداسا فتأملوه فإذا هو مداس أبي القاسم ، فحملوه إلى الوالي و اخبروه بما وقع ، فاحضر الوالي أبا القاسم و وبخه و حبسه و قال له عليك تصليح الكنيف ففرم جملة مال ، و أخذ منه الوالي مقدار ما غرم تأديبا له و أطلقه ، فخرج أبو القاسم و المداس معه و قال : - و هو مفتاظ منه - و الله ما عدت أفارق هذا المداس ، ثم إنه غسله و جعله على سطح بيته حتى يجف ، فرآه كلب فظنه رمة فحملة و عبر به إلى سطح آخر فسقط من الـكـلب على رأس رجل فألمه وجرحه جرحا بليغا فنظروا وفتشوا لمن المداس فعرفوه أنه مداس أبي القاسم فرفعوا الأمر إلى الحاكم فألزمه بالعوض و القيام بلوازم المجروح مدة مرضه فنفد عند ذلك جميع ما كان له و لم يبق عنده شيء ثم إن أبا القاسم أخذ المداس و مضى به إلى القاضي و قال له : أريد من حضرة مولانا القاضي أن يكتب بيني و بين هذا المداس مباراة شرعية على أنه ليس مني وأني لست منه وأن كلا منا بريء من صاحبه و أنه مهما يفعله هذا المداس لا أؤخذ به أنا ، و اخبره بجميع ما جرى عليه منه فضحك القاضي منه و وصله و مضى.

أسئلة مشابهة في استيعاب المقروء