سؤال 1053 من 4276

من الفقرة (٥) نجد أن الكتاب الإلكتروني:

١) الهيبرتكست: هو التعبير الوصفي لأحدث أشكال الكتابة الإلكترونية، وهو يُشكّل نصًا إلكترونيًا يرتبط بنصوص أُخرى عن طريق روابط داخل النص، وكلمة (hypertext) يمكن ترجمتها حرفيًا (النص الفائق): وهي ترجمة غير معبرة عن صفات الهيبرتكست، ومن ثَمَّ آثرنا كتابتها بالحروف العربية كما تُنطَق في لغتها الأصلية، فهل الانتشار الواسع للكلمة الإلكترونية والشاشة سيؤدي إلى انقراض الكتاب المطبوع؟٢) إنَّ الكلام المنطوق -اللغة الشفاهية- لم يكن قادرًا على الانتقال الحر في الزمان والمكان مع أنّها كانت أولى وسائل الاتصال الفعّالة بين البشر، ومن ثَمَّ جاءت الكتابة والطباعة والحاسوب -الكتابة الإلكترونية والشبكة العنكبوتية- كتكنولوجيا اخترعها الإنسان في محاولة لتخزين الكلمة وضمان سهولة نقلها في المكان والاحتفاظ بها ومن ثَمّ استعادتها في أي وقت، وهذه التقنيات التي تتعامل مع المعرفة العقلية مارست ولا تزال تمارس تأثيرًا جذريًا على عقل الإنسان ودينامياته النفسية، ممَّا يعني أنَّ التحوُّل في تكنولوجيا المعرفة ليس مجرد تحوُّل من تقنية إلى أخرى بل إنَّه يعني التحول إلى عقل آخر من الورق إلى الشاشة.٣) إنَّ علاقتنا مع الكتابة على الأوراق علاقة حميمة، فنحن الذين نخلق الكلمات المكتوبة، بل إنَّ عملية تعليم الكتابة ذاتها هي في الحقيقة تدريب العقل لتوظيف عضلات الذراع لتتحكم في تصوير الحروف والكلمات لنشكّل منها مادة المعرفة، كما أنّها غيرت الوعي الإنساني كما لم يغيره أي اختراع آخر، وحوّلت المعرفة العقلية إلى شكل مادي هو الكلمات المكتوبة، ليس هذا فقط بل إنَّ الكلمة المكتوبة غير قابلة للدحض أو المسائلة، يقول أونج: (وليس ثَمَّة طريقة مباشرة لدحض النص حتى بعد التفنيد الكامل للكتاب، يظلُّ النَّص يقول ما قاله من قبل تمامًا وهذا هو أحد أسباب شيوع عبارة "الكتاب يقول" بمعنى أنّ القول صحيح، وهو أيضًا أحد الأسباب التي من أجلها أحرقت الكتب)٤) لقد تم تفنيد الشبكة العنكبوتية التى تضم النص المكتوب مع الصورة والصوت والأفلام المتحركة فى نص شبكي واحد فكان هذا أوَّل تنفيد عملى لمفهوم الهيبرتكست، وبالتالي فالهيبرتكست عند طباعته يفقد الانتقال الحر بين أجزائه المختلفة، كما أنّه سيفقد الصوت والحركة للصورة المتحركة، وعلى النقيض من الكلمة المكتوبة المتماسكة بين أجزائها، فإنَّ الكلمة الإلكترونية ليس لها وجود مادي، فالكاتب إلى الكمبيوتر، والقارئ من الشاشة يدرك أنَّه ليس أمام كلمات مادية حقيقيّة مثل النص المكتوب أو المطبوع، بل إنَّه أمام حزم إلكترونية تندفع من أنبوب الكاثود القابع خلف الشاشة لكي تشكِّل على سطحها خيالات تشبه الكلمات، فهذه الوسائط لا تُخزّن كلمات وإنَّما تخزن المناظر الرقمية لها، والنتيجة النهائية أنَّ الكلمة الإلكترونية فاقدة عنصر الثبات والاستقرار الذي كان للكتابة النسخية والطباعة، وبالتالي فإنَّ المعرفة المستقاة منها متطايرة وفاقدة لعنصر اليقين. وبالتالي فالكتاب الإلكتروني يقلل من عمل الذاكرة إلى حدٍّ بعيد و فى الوقت نفسة يشتّتها. وهذا هو الخطر الحقيقى للهيبرتكست.٥) إنَّ قضية إمكان انقراض الكتاب المطبوع واستبداله بالكتاب الإلكترونى ليست بالقضية الهيّنة التى يمكن فيها إطلاق التصريحات عن ثقة بأنه لن يحدث، فالكتاب المطبوع هو الشكل الأخير من سلسلة من التحولات والتطورات لتكنولوجيا الكتابة، لكن تاريخ تكنولوجيا المعرفة كفيل بالإجابة عن هذا السؤال، فعلى سبيل المثال: في بدايات الكتابة الأبجدية كان (سقراط) يُقيم محاوراته شفاهيًا، ويذكر لنا أفلاطون على لسان سقراط اعتراض سقراط على الكتابة تلك التي تدّعي أنَّها تؤسس خارج العقل ما ينبغي أن يُؤسَّس داخله، وقد اعترض أفلاطون أيضًا على الكتابة ككتابة.

أسئلة مشابهة في استيعاب المقروء