سؤال 643 من 4276
١) أغرق السلوكُ الاستهلاكيُّ المكثّف الإنسان في طوفان عن المشاكل المتعلقة بتلوث البيئة، وما لمْ يأخذْ الإنسان حذره فقد يغرقه هذا السلوك في طوفان حقيقي، ولا ينبغي أن يُلتفَت إلى ما يردده الكثير من البشر اليوم من أن الإنسان في عصرنا أسوأ منه في الأزمنة الماضية، فلكل عصر حسناته وسيئاته، غير أن السلوك الاستهلاكي الشَّرِه للإنسان المعاصر هو أكبر مشكلاته التي خلقت تلوثًا بيئيًا يهدد كوكب الأرض بمخاطر جمَّة.٢) إنَّ الوعي البيئي لدى الإنسان الحديث، خاصة إنسان الدول الصناعية المتقدمة، غالبًا ما يكون غاية في النضج. لكن سلوكه تجاه البيئة عمومًا لا يجسد ذلك، ففي دراسة أجرتها مؤسسة متخصصة في ألمانيا عن الهموم الحياتية من وجهة نظر المواطن الألماني، احتل التلوث البيئي المرتبة قبل الأخيرة عن قائمة ضمت تسعة هموم، وقد كان ذلك في أوائل الثمانينيات، ولكن مع حلول عام ١٩٨٤م قفز هذا الهم إلى المرتبة الثانية، ومنذ عام ١٩٨٩م حتى اليوم استأثرت مشكلة التلوث بالمركز الأول في الاهتمام الشعبي في ألمانيا.٣) أظهرت نتائج هذه الدراسة أيضًا أن نسبة المواطنين الذين أبدوا استعدادًا لتغيير أساليب تسوُّقهم وتحمُّل بعض التضحيات من أجل صيانة البيئة أخذت في الازدياد كذلك، ومع ذلك لم يحدث أي تغيير في واقع الأمر بخصوص السلوك الاستهلاكي للمواطن الألماني، على أن هذا النوع من السلوك ليس حكرًا على الشعب الألماني أو غيره من الشعوب.٤) لعل الكم الهائل من الإعلانات الدعائية في وسائل الإعلام في جميع دول العالم هو أحد مؤشرات النزعة الاستهلاكية التي ألمَّت بالبشر في العصر الحديث؛ ذلك أن هذه الإعلانات لا جدوى منها، ما لم يكن الاستهلاك يغطي تكاليفها ويزيد كثيرًا. والواقع أنه ما من سلعة إلا ابتكر منتجوها وسائل للدعاية تغري باقتنائها، حتى أصبح الإنسان الحديث ليس مجرد كائن استهلاكي، بل متخبط في استهلاكه ومخدوع فيه أحيانًا.٥) يبدو أن إنسان اليوم يعيش بأسلوب استهلاكي غير مسؤول، وكأن لسان حاله يقول: "أنا وبعدي الطوفان!" لكنه بحكم غريزة الحفاظ على النفس من الانقراض لا بد أن يشغل الإنسان فكره دائمًا بالسؤال عن شكل البيئة التي سوف يتركها من بعده لأبنائه وأحفاده، ومهما يكن من الأمر الحاضر فإن من المتيقن أن العقود القليلة القادمة ستشهد تغيرًا كبيرًا في السلوك الاستهلاكي.
المزيدأسئلة مشابهة في استيعاب المقروء
تابعنا على تيليقرام واستعد لاختبارك مع أهم التدريبات والنصائح!